حرب ‏باردة/بقلم ‏الجزار ‏الانيق

***   حَربٌ بَارِدَة   ***

حِينَ وَضَعتِ شِفَاهَكِ
فِي فِنْجَانِي الْمُرِّ
طَغَى فِيهِ السُّكَّر ْ
وَ سَلَبْتِ السِّيجَارةَ مِنْ بَيْنِ يَدِي
فَنَفَثِّ دُخَانَكِ فِي وَجْهِي
مِثْلَ غُيُومٍ سَوْدَاءٍ تُمْطِر ْ
يَا ذَائِعَةَ الأَسْرَارِ
وَ مُمْتِعَةَ الأَخْبَارِ
قَمِيصُكِ شَفَّافٌ 
يَسْتَفْرِدُ حَصرًا
بِالْخَبَرِ الأَصفَر ْ
مِثْلَ جَرِيدَةِ مَنْفَى
دُونَ رَقِيبٍ
دُونَ حَسِيبٍ
يَكْشِفُ عَنْكِ الْمَمْنُوعَ
مِنَ النَّشْرِ وَ يُجْهَر ْ
وَ أَنَا مُهْتَمٌ جِدًا
جِدًا يَا سَيِّدَتِي
لِأُطَالِعَ فَوْرًا
مَا خَلْفَ الأَسْطُر ْ
وَ الْبُونْتُ الأَعْرَضُ وَ الأَحمَرُ فِي
شَفَتَيْكِ
يُنَبِّئُ بِالإِمْطَارِ 
يُبَلِّغُ بِالإٍعصَارِ
يُحَذِّرُ أَنَّ اليَوْمَ بِلَا 
شَمْسٍ
إِلَّا نَجُمُكِ وَحدَكِ
فِي الْعَثْمَةِ مَنْ يَظْهَر ْ
مَاذَا يَنْوِي عِطْرُكِ 
أَنْ يَفْعَلَ بِي
فَأَنَا أَخْشَى كُلَّ نَوَايَاهُ
يُحَاصِرُنِي
 يَلْبَدُ لِي
فِي كُلِّ ثَنَايَاهُ
وَ يَعْوِي فِي وَجْهِي 
كَقَطِيعِ  ذِئَابٍ حَوْلِي يَتَجَمْهَر ْ
قُولِي كَيْفَ يُفَكِرُ 
نَهْدَاكِ الْمُفْتَرِسَانِ
مُهَاجَمَتِي
فَالأَيْمَنُ 
دُبٌّ قُطْبِيٌّ
يَتٓضَوَّرُ جُوعًا
وَ الأَيْسَرُ ضَبْعٌ مُحْتَالٌ مُتَهَّوِّر ْ
مَاذَا يُقْصَدُ 
مِنْ لَوْنِ طَلَاءِ أَظَافِرِكِ السَّادِيِّ سِوَى أَنَّ الْقِطَّةَ قَدْ بَدَأَتْ
فِيكِ مَعِي تَتَنَمَّر ْ
مَاذَا يُفْهَمُ مِنْ وَشْمِ الْأَفْعَى
أَسْفَلَ ظَهْرِكِ يَا مُتَظَاهِرَةً
وَ كَلَافِتَةٍ رُفِعَتْ فِي وَجْهِ الدِّكْتَاتُورِ
وَ تَصرُخُ أَنَّ الشَّعبَ هُنَا يُقْهَر ْ
يُمْتِعُنِي
هَذَا التَّنْدِيدُ وَ هَذَا التَّهْدِيدُ
المُتَرَدِّدُ فِي عَيْنَيْكِ 
يَلُومُ يُعَاقِبُ يَعذِر ُ يَثْأَر ْ
يُغْرِينِي
هَذَا التَّحشِيدُ و َ هَذَا التَّصعِيدُ
الْأَخْرَسُ فِي شَفَتَيْكِ
كَجَيْشٍ إِسْبَرطِيٍّ يَنْتَظِرُ الضَّوْءَ الأَخْضَر ْ
كُلُّ الأَوْرَاقِ يُخَمِّنُ بَالُكِ
كُلُّ الْأَوْهَامِ يَعِيشُ خَيَالُكِ
أَنِّي أَصبَحتُ بِلَا إِحسَاسٍ
وَ بِأَنِّي أَتَجَاهُلُ 
سِحرَ عُرُوضِكِ أَوْ أَتَكَبَّر ْ
لَكِنَّكِ لَا تَدْرِينَ  بِأَنِّي
كَاللُّغْمِ أُهَدِدُ أَقْدَامَكِ
قَدْ أَنْثُرُ أَشْلَائَكِ
فَوْقِي لَمَّا أَتَفَجَّر ْ
لِتَذُوبَ مَسَامَاتُكِ فِي آثُونِي 
فَدَعِي الشَّوْقَ حَدِيداً
لَا يُطْرَقُ حَتَّى يُصهَر ْ
َوَ أَنَا رَجُلٌ 
لَا أَدْخُلُ فِي الْحُبِّ عَلَى عَجَلٍ
لَا أُشْعِلُ كُلَّ النَّارِ
وَ إِنَّ الْحُبَّ عَلَى
نَارٍ هَادِئَةٍ يُصبِحُ أَخْطَر ْ
فَدَعِينِي أَتَعَاطَاكِ عَلَى مَهْلٍ
كَالْخَمْرَةِ أَنْتِ أُعَاقِرُهَا رَشْفًا
كَيْ تَتَسَلَّلُ فِي الشِّريَانِ
رُوَيْدًا وَ رُوَيْدًا
خَلٍّينِي بِمِزَاجِيَتِي أَسْكَر ْ 
إِنِّي يَا سَيِّدَتِي
قَبْلَ الْغَزْوِ أُدِيرُ حُرُوبًا بَارِدَةً
لِأُوَثِّرَ أَعصَابَكِ
أُضْعِفُ كُلَّ دِفَاعَاتِكِ
تَمْهِيدًا لِلزَّحفَ الْأَكْبَر ْ .

الجزار الأنيق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همسة حب /بقلم جمال خليل جابر

بحر ‏المشاعر/بقلم ‏خالد ‏حويس

اميرتي ‏/بقلم ‏الشاعر ‏حسين ‏عطاالله ‏حيدر